الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ (٨٥))
٨٢ ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) أي أفلم يسيروا في الأرض حتى ينظروا إلى بلاد عاد وثمود حين تجارتهم إلى اليمن والشام فيعتبروا منهم كيف فعلنا بهم وبمساكنهم (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم الماضية التي أهلكناها ، وهم قد (كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ) عددا وعدّة (وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) من قصور مشيّدة ومصانع عالية وحصون مرتفعة. وقيل إن المراد بأشدّيّة آثارهم علائم أقدامهم في الأرض حيث تدلنا على كبر أجرام أجسامهم ومع ذلك كلّه لمّا كذّبوا الرّسل وقتلوهم بغير حق وأنكروا الآيات استأصلهم الله تعالى بالعذاب المهلك وأفناهم دون آثار مساكنهم ومنازلهم ، فقد بقيت للاعتبار وما أفنيت (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من جمع الأموال والجنود والأبنية فإنها جميعا صارت معرضا للهلاك والفناء.
٨٣ ـ (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ...) بيّن سبحانه أن أولئك الكفّار لما جاءتهم رسلهم الذين أرسلهم الله تعالى إليهم ، ونسبة الرّسل وإضافتهم إليهم يعني أنهم منهم كما في قوله سبحانه (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ) أي من جنسهم عربيّا أمّيا لأن العرب نوعا كانوا لا يقرءون ولا يكتبون. والأميّون هم الأعراب. فالرّسل المبعوثون إليهم كانوا مثلهم في الأميّة ومن أهل بلادهم أو من عشيرتهم أو أقاربهم ، فبهذا الاعتبار أضيفوا إليهم. والحاصل أنهم حين مجيء الرّسل (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أي بما زعموه علما من شبههم الباطلة في نفي البعث وإنكار الصّانع وتكذيب الرّسل والكتب السماويّة ، وفرحوا بالشّرك الذي كانوا عليه تقليدا لآبائهم الذين كانوا من قبلهم في ضلال مبين بإشراكهم ، وأعجبوا بما عندهم وظنّوا أنه علم وكان جهلا محضا مركّبا. والمراد بالفرح