السّماوات في يوم الخميس ، والشمس والقمر والنّجوم والملائكة وآدم في يوم الجمعة. واختلف في وجه إيجاد الأشياء تدريجا مع قدرته تعالى أن يوجدها آنا ما قيل وجه ذلك أنّه لتعليم البشر ألّا يستعجلوا في الأمور ، ويؤيده قولهم (التأنّي من الرّحمان ، والعجلة من الشيطان) أو ليعلم أن صدور هذه الأمور كان عن فاعل مختار عالم بالمصالح والحكم حيث إن الصّدور لو كان عن فاعل موجب لكان دفعيّا لا تدريجيّا. هذا ويمكن أن يقال إن الخلق التدريجي أقرب إلى سمع القبول لنوع النشر لأنّ معارف الخلق قاصرة وعقولهم ناقصة والقرآن نزل على مقتضى (كلم الناس على قدر عقولهم) فالله سبحانه لتلك الحكمة اختار الخلق التدريجيّ على الدفعيّ لأن الدفعيّ يثقل على عقولهم قبوله فلا يتحملون أن يقال لهم أنه تعالى خلق الأرض وما عليها وما فيها في أقل من طرفة عين ، فإن هذا يقرع أسماعهم لقصور معرفتهم فلا يقبلونه لكمال قدرته بخلاف الأمور التدريجيّة. وهذا أمر وجداني لعامّة البشر بلا تخصيص في عصر دون عصر وأمّة دون أمّة.
١١ ـ (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ ...) أي قصد وتوجّه إلى أن يخلق السّماء قصدا جازما لا رجعة عنه ، وهذا بعد خلق الأرض لا بعد دحوها. و (ثُمَ) لتفاوت ما بين الخلقتين رتبة لا للتراخي في المدّة إذ لا مدّة قبل خلق السّماء ، فقد استوى لها (وَهِيَ دُخانٌ) أي أجزاء دخانيّة أو بخارات متصاعدة من المياه ترى من البعيد كأنّها دخان كما عن ابن عباس من أنّ الله تعالى خلق السّماء من أبخرة الأرض يعني أبخرة مياه الأرض. ولمّا فرغ من خلقهما لإظهار قوّته وكمال قدرته أمرهما سبحانه : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) أي بما خلقت فيكما من النّيرات والكائنات سواء كنتما طائعتين أو مكرهتين ، أي لا بدّ من إتيانكما طائعتين (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) وهذا السّؤال والجواب ليسا على الحقيقة بل هذا القسم يعدّ من المجاز