الأمة ، وليس بين الإنذار ونزول ما يخاف منه أي ملازمة ، بل الإنذار والبشارة في ذاتهما مرحلة من مراحل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فمقام الإنذار غير مقام نزول العذاب. هذا ، وثانيا أن الآية أي (ما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) والرّوايات التي تدلّ على هذا المعنى ظاهرة في أن النبيّ (ص) ما دام فيهم لا يعاقبون مثل ما عوقبت الأمم السّالفة لا أنهم لا يعاقبون مطلقا ، فبعد وفاته يمكن أن يعاقبوا بمثل عقاب الأمم الماضية ولا منافاة بين الآيتين حيث إن آية (فَإِنْ أَعْرَضُوا) لا تدل على عقابهم في زمن حياة النبيّ (ص) بل من هذه الجهة كانت مطلقة ، فهي قابلة للتقييد بما بعد وفاته بمقتضى الآية الشريفة (ما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) ولو أغمضنا عن هذا الجواب أيضا فنجيب ثالثا بأنّه تعالى بشّر نبيّه برفع العذاب عن أمّته وتابعيه في الدنيا إذا عصوا وعملوا عملا بتسويل الشّيطان والنفس الأمّارة يستحقّون به عقاب الأمم الماضية تبجيلا له صلىاللهعليهوآله وتكريما لمقامه العالي. وأمّا هؤلاء الكفرة والجاحدون فليسوا من أمته صلوات الله عليه وآله فأيضا لا تنافي بين الشريفتين فإن الأمّة هي الجماعة والجيل فإذا أضيفت إلى نبيّ أو رسول فأريد منهم الذين يقصدونه ويميلون إليه ويتابعونه. فالذين يعرضون عنه لا يكونون من الأمّة ولا يحسبون منها حيث إن المراد بالأمة ليس مطلق البشر الذين يحسبون من معاصري النبيّ صلوات الله عليه وآله وسلّم.
١٨ ـ (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) ... أي نجّينا المؤمنين بصالح وبما جاء قومه من الصاعقة (وَكانُوا يَتَّقُونَ) من الشّرك ومن مخالفة نبيّهم صالح عليهالسلام. ثم أخبر سبحانه عن حال الكفرة يوم القيامة بعد بيان حالهم في الدنيا :
* * *