فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ) وهم الذين غصبوا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فعند ذلك يختم الله على ألسنتهم وينطق جوارحهم فيشهد السمع بما سمع ممّا حرّم الله ويشهد البصر بما نظر به إلى ما حرّم الله عزوجل ، ويشهد الفرج بما ارتكب مما حرّم الله ، وتشهد اليدان بما أخذتا وتشهد الرجلان بما سعتا فيما حرّم الله عزوجل ، ثم أنطق الله عزوجل ألسنتهم فيقولون هم لجلودهم لم شهدتم علينا ، الآية (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يعني أنّ القادر على خلقكم وإنطاقكم في المرة الأولى حال كونكم في الدّنيا هو أنطقكم وبعثكم في المرّة الثانية فهو الذي أنطقنا اليوم للشهادة عليكم. وهذا التفسير بناء على أنّ هذا الذيل من تتمّة كلام الجلود أو استئناف يقرّر ما قبله.
٢٢ ـ (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) ... أي عند ارتكابكم القبائح كنتم تستخفون بها لكنّه لم يتهيّأ لكم ولم تتمكنوا من أن تستتروا بأعمالكم عن أعضائكم التي أنتم بها تفعلون ما كنتم تعملون ، فجعلها الله شاهدة عليكم في القيامة. ولا يخفى أن مفاد تلك الآيات ونظائرها من الرّوايات الدالة على شهادة الأمكنة التي يصلّي عليها الإنسان أو في باب الأذان واستحباب رفع الصّوت ، معلّلة بأن كل شيء يسمع يستغفر لصاحبه. وهذه في الأعصار السالفة بالنسبة إلى أن أكثر البشر كانوا يسبّحون الله عند سماعه وعند ما تقرع الأسماع هذه النغمات المقدسة ، لأنها عند المؤمنين صرف تعبد ، وأمّا غيرهم فينكرونها ويستهزئون بها. لكن اليوم في العصر الحاضر مع هذه الصنائع البديعة والمخترعات الحديثة كالتلفزيونات التي ترتسم فيها صور الأشخاص وتحفظ فيها الأصوات والمسجّلات التي تضبط فيها الأصوات على ما هي عليها فالأمر صار سهلا بحيث تتصوّر شهادة الجلود ونحوها من أعضاء الإنسان ويكون ملازما لتصديقها. فلو قيل إن جلد بدن الإنسان بمنزلة شريط المسجّلات التي