لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤) وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥))
٢٤ ـ (فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) ... أي فإن يصبروا على النار وآلامها وأمسكوا عن شكواهم أم لم يصبروا فالنّار مثوى لهم ومستقرّهم ولا ينفعهم صبرهم على عقوبات النيران فإنهم سيبقون مخلدين في جهنّم والنيران ملازمة لهم ، كما أنّ الجملة الاسميّة فيها دلالة صريحة على ذلك (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) أي لو طلبوا العتبى أي الرضى وقبول العذر فليسوا ممّن يرضى عنهم ويقبل عذرهم بعد ذلك ، فقد جفّ القلم بما هو كائن وثابت عليهم ، يعني أن جزعهم واستغاثتهم وشكواهم لا تفيدهم أبدا كما قال تعالى (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ) والمعتب من يقبل عذره ويجاب إلى ما سأل. هذا بناء على كونه اسم مفعول وأمّا بصيغة الفاعل فهو المنصرف عمّن يغضب عليه لأجل ما كان عليه أو التّارك له أو المزيل عتبه لأجل ما كان عليه.
٢٥ ـ (وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ) ... أي قدّرنا لهم أخدانا من الشياطين ، وهو مجاز عن منعهم اللطف لكفرهم حتى استولت عليهم الشياطين. وقال القمّي : يعني الشياطين من الجنّ والإنس (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) من أمور الدّنيا ومتاع الحياة وحظوظها ولذائذها وشهواتّها لأنهم يقولون إن الدنيا قديمة وإنه لا فاعل لها ولا صانع إلّا الطّبائع والأفلاك (وَما خَلْفَهُمْ) اي أمر الآخرة بأن القرناء يقولون لهم لا بعث ولا نار ولا جنّة ولا سؤال فينكرونها من أصلها (وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) أي الوعيد بالعذاب (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي في جملة الأمم الماضية.