القمي : وصيّروه سخريّة ولغوا (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) بأن عجّزتموه عن مقاومتكم فلا يعارضكم بعد ذلك بقراءة قرآنه. وقيل معنى والغوا فيه أي قولوا بين ما هو يقرأ كلاما لغوا ولهوا فتخلّطوا أباطيلكم في قراءته. وحاصل جميع هذه التفاسير يرجع إلى أنه افعلوا عملا يمنع النبيّ (ص) عن القراءة ويتركها.
٢٧ ـ (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً) ... إن الله تعالى يهدّد أعداءه تهديدا شديدا في هذه الشريفة بأن القائلين بهذا القول لا بدّ وأن نعذّبهم بأشد العذاب كمّا وكيفا (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) أي نجزيهم بأقبح جزاء على قبح عصيانهم وهو الشّرك والكفر. قال ابن عباس : إن المراد بالعذاب الشديد هو يوم بدر حيث إن المشركين ابتلوا بالأسر والقتل ، وأسوأ العذاب هو يوم القيامة.
٢٨ ـ (ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) ... اسم الإشارة إلى أسوأ الجزاء المتوعّد به وهو مبتدأ خبره (جَزاءُ أَعْداءِ) ، الآية وقوله (النَّارُ) عطف بيان للجزاء أو خبر بعد خبر أو خبر لمبتدأ محذوف أي : وهو النار (لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ) أي مسكن إقامتهم الدائميّ هو الجحيم لا غيره (جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) وضع موضع يلغون إقامة السبب مقام المسبب.
٢٩ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا) ... أي أن رؤوس الكفر والضّلال يسألون حين يصيرون في النار من الله تعالى أن يريهم من أضلّهم في الدنيا ويقولون (رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أي شيطاني الجنسين الداعيين لنا إلى الضّلالة والعناد (نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا) أي نسحقهما وندوسهما انتقاما منهما وتبريدا لقلوبنا (لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ) أي في الدرك الأسفل من النار فنطؤهما بأقدامنا إذلالا لهما فيكون عذابهما أشدّ من عذابنا. ولمّا ذكر سبحانه وعيد الكفرة عقّبه بذكر الوعد للمؤمنين