إيمانه وعبوديّته : الأوّل الدّعوة إلى الله تعالى بقوله. والثاني العمل فإن القول بلا عمل ليس له كثير فائدة لأن الناس يرون أعمال القائلين والدعاة وفي الرّواية كونوا دعاة الى الله بغير ألسنتكم ، إشارة إلى هذا المعنى ، يعني بأعمالكم. والثالث أن العمل ينبغي أن يكون خالصا من كلّ ما يفسده فيكون صالحا قابلا للقبول. فإذا تمت الثلاثة كمل إيمان العبد وصحّ أن يطلق عليه العبد الصالح أي الكامل الإيمان (وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي وأضاف إلى الدّعوة القوليّة والعمليّة الخالصة إظهار إسلامه ، فإنّه من إشاعة الحسنى ، وحكمته أنه يصير موجبا وسببا لرغبة الناس إلى الإسلام فيدخلون فيه ، وانكسارا للكفر وشوكته فيخرجون منه ولا سيما إذا كان هذا الشخص المظهر من العظماء والشخصيّات المعروفة والأكابر والأجلّاء الواجدين للأوصاف الثلاثة المذكورة. فلإظهاره الإسلام دخالة مهمّة لتأييده وتقويته ، لأن في هذا الإظهار قسما من الدّعوة القوليّة. نعم قد يوجد مورد يكون فيه الإخفاء مصلحة مهمّة تقتضي إخفاءه كاخفاء أبي طالب عليهالسلام إسلامه لحفظ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله ؛ وفي العيّاشي أن الآية في عليّ عليهالسلام ، وعن مقاتل وكثير من المفسّرين أن المراد منها الأئمة الداعون الخلق إلى المناهج الإسلاميّة الحقة والطريقة المستقيمة النبويّة.
٣٤ ـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) ... هذه الشريفة لترغيب العباد بقبول الإيمان ، وزيادة (لا) الثانية وإن لم يكن هذا مرادا فبلاغة الكلام تقتضي إلقاء لفظة (لا) الثانية على ما هو الظاهر. والمعنى الظاهري أن المراد بالحسنة أفرادها ، وكذلك السيّئة ذات أفراد. وليست أفراد الحسنة متساوية كما أن أفراد السيّئة كذلك. وأفراد الحسنة بعضها أرجح من بعض في الحسن كما أن أفراد السيّئة بعضها أقبح من بعض وأسوأ. وعلى هذا لا نحتاج إلى القول بزيادة لفظة (لا) الثانية والحمل على المبالغة في