٥١ ـ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ...) أي مرّة ثانية للبعث (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) أي من قبورهم يسرعون إلى خالقهم يعني إلى الموضع الذي يحكم الله فيه ولا حكم لغيره تعالى هناك.
٥٢ ـ (قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ...) الكفرة منهم قالوا يا ويلنا أي هلاكنا وفي الجوامع عن عليّ عليهالسلام أنّه قرأ من بعثنا على (مَنْ) الجارّة والمصدر والمرقد مكان الرقود أي المنام (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) يحتمل كون هذا صفة لمرقدنا وما وعد الرّحمان خبر لمبتدأ محذوف ، أو مبتدأ محذوف الخبر ، ويمكن كون (ما) مصدرية وعلى هذا ، فالمصدر خبر لهذا ، أي : هذا وعد الرّحمان ، والمصدر بمعنى المفعول. وقيل : هذا قول الملائكة ، أو المؤمنين يقولون للكفّار على وجه التقريع ، أي هذا هو الوعد الذي أخبر به الرّسل وأنتم تكذبونهم وكنتم تقولون إنكارا لهم واستهزاء : متى هذا الوعد. ثم إنّه تعالى أخبر عن سرعة البعث وكمال قدرته في بعثهم ونشرهم بقوله :
٥٣ ـ (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ...) أي ما كان بعثهم إلّا بصيحة واحدة ، وهي النفخة الأخيرة التي تتمّ بصرف النفخ في البوق وهي إعلان على رؤوس الأشهاد لحضور الأشخاص (فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) هذا التفريع يدل على غاية السّرعة في حضور الخلق الأولين منهم والآخرين في عرصات القيامة وموقف الحساب بلا فاصل بين النفخ والحضور ، وأيضا يدلّ على تهوين أمر البعث وأنّه أهون وأسهل شيء عنده سبحانه وتعالى ، ومن ثم فهو ردّ على منكري البعث الذين يعدّونه أمرا محالا ويحسبونه من الأساطير والموهومات التي لا واقع لها ، ولذا اهتّم سبحانه في ردّ زعمهم الفاسد وجاء بهذه الجملة الوجيزة المتضمّنة المعنى الراقي الرائع المبطل لعقيدة الخصم الذي هو ضدّ لما هو عقيدتهم بكمال الضدّية. فإذا حضروا المحشر فالله تعالى يبسط بساط عدله ويخاطبهم بقوله الذي ظاهره الغيبة