٤٥ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) ... أي كتاب التوراة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) لأنه آمن به قوم وصدّقوه في رسالته وكتابه ، وكذّبه آخرون كما اختلف في القرآن. فلا تحزن لهذا الاختلاف فإنه في شأن الكتب السّماويّة عادة قديمة وسنّة جارية في الأمم الماضية لا يختصّ بقومك دون غيرهم.
وفي الكافي عن الباقر عليهالسلام أنه قال ناظرا إلى هذه الآية : اختلفوا كما اختلفت هذه الأمّة في الكتاب ، وسيختلفون في الكتاب الذي مع القائم عليهالسلام الذي يأتيهم به ، حتى ينكره ناس كثير فيقدّمهم فيضرب أعناقهم (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) أي الوعد بالإمهال لأمّة محمد صلوات الله عليه وآله (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لحكم بين الجاحدين والمشركين والمكذّبين باستئصالهم وإهلاكهم كالأمم السّابقة ، لكن سبقت الكلمة وتأخّر القضاء والعذاب عنهم إلى يوم لقاء الله كما في قوله تعالى (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ) وقوله (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) وقوله سبحانه (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) وهذا القول الأخير خاصّ بزمانه صلىاللهعليهوآله (وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) أي إن قومك شاكّون بالقرآن أنّه كتاب من عندنا نزل عليك ، شكّا أوقعهم في الرّيب. والرّيب هو أفظع من الشكّ فإن الرّيب هو مرتبة من الشك فيها القلق واضطراب النفس ، والبعض يعبّر عن الريب بالظن الغالب ، فمن المفسّرين من قال : إنّ ظنّ الغالب منهم أن القرآن كذب وغير منزل من السّماء وهذا هو معنى (مُرِيبٍ) قال هذا المقول ، وجرّ (مُرِيبٍ) لأنه صفة للشّك.
٤٦ ـ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) ... أي ثواب عمله راجع إليه لا إلى غيره (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) أي من الفسوق والعصيان فضرره وعقابه ووباله على نفسه لا على غيرها (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) أي ليس يفعل بهم ما ليس له أن يفعل ، فمثلا ينقص من أجر المطيع ، أو يزيد في عقاب العاصي ، أو يعطي أجر المطيع للعاصي ويعاقب المطيع بدل