المشركين أخبروني وقولوا لي إن كان هذا القرآن في نفس الأمر من عند الله كما أقول (ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) عنادا وبلا تأمّل وتفكّر في آياته ودلائله المتقنة ، وبلا نظر واتباع دليل وبرهان مجوّز لكم على أن تكفروا به (مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) أي في خلاف عن الحقّ والصواب ، وبعيد عن الصلاح؟ يعني أنتم أضلّ الناس لأنكم تعاندون الحق وتكذّبون بالقرآن وتنكرون نبوّة النبيّ استكبارا وجهالة.
* * *
(سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (٥٤))
٥٣ ـ (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) ... أي عمّا قريب نريهم العلائم والآثار الآفاقيّة ممّا يظهر من نواحي الفلك ويمسّ الأرض. هذا بيان للآيات التي تأتي من الآفاق ، وأمّا العلائم الآفاقية كالنّيرات وآيات الليل والنهار والأضواء والظّلال والظّلمة والعناصر الأربعة وانشقاق القمر والصواعق والأمطار والرعد والبرق والسّحاب والنجوم المذنبّة إلى غير ذلك ممّا لا نهاية لعدّه من الآيات الآفاقيّة العلويّة ، فإنها أعمّ من آفاق السماء والأرض ، وكذلك الآيات الأرضية كالزلازل والخسف في الأرض والجبال والبحار ونحوها ممّا لا يحدّه حصر. وقال ابن عباس : (فِي الْآفاقِ) أي منازل الأمم الخالية وآثارهم (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) يوم بدر ، أو من الآيات الأنفسيّة