١٠ ـ (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ) ... أي من أمور دينكم أو دنياكم (فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ) أي مفوّض إليه يفصل بينكم بإثابة المحق ومعاقبة المبطل (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي) فالذي يتّصف بصفة الحكومة الحقّة ولا يجور في حكمه أبدا هو الله وهو ربّي (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أي اعتمدت عليه ووثقت به في أموري جميعا دنيويّة كانت أم أخرويّة (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أي أرجع إليه حيث إنّه مرجع العباد طرّا لا الغير.
١١ ـ (فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ... يمكن أن يكون رفعه باعتبار كونه خبر (ذلِكُمُ) بعد الخبر ويحتمل كونه مبتدأ وخبره جملة (جَعَلَ لَكُمْ) أي الذي خلق السّماوات والأرض (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) من جنسكم نساء ، أو المراد بالأزواج هو الذكور والإناث والتعبير (بجعل) لعلّه للتّنبيه على أن حكمة خلقهنّ لجعلهنّ أنيسات للرّجال ولتحصيل الرجال منهنّ الأولاد والأتباع والله أعلم ، (وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً) أي ذكرا وأنثى لازديادها وكثرة الانتفاع بها (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ) أي ينشركم ويكثّركم في الجعل المدلول عليه بقوله تعالى (جَعَلَ لَكُمْ) أو الضّمير راجع إلى النّسل الذي يحصل من الذكور والإناث كما فسّره القمّي ، وهذا أقرب بالنظر إلى (يَذْرَؤُكُمْ) وأنسب كما لا يخفى على أهل النظر. و (يَذْرَؤُكُمْ) من الذّرء بمعنى الخلق والتكثير في الشيء ، وضمير الخطاب عامّ يشمل العباد والأنعام على سبيل تغليب ذوي العقول على غيرهم ، والمناسب هو التعبير بباء السببيّة ، لكنّه لمّا كان هذا التّدبير ، أي خلق الأزواج الذي هو منشأ التزاوج والتناسل بمنزلة المنبع والمعدن اللّذين يخرج منهما المياه والفلزات وتخرج الأشياء بعناوينها المختلفة فلذا عبّر بقوله (فِيهِ) نظير قوله سبحانه (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) فيحمل الظرف على معناه الحقيقي. ولمّا لم يكن إيجاد السّماوات والأرضين وتكثير الخلائق بالتّزاوج مقدورا لأحد سواه تعالى فلهذا يقول (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) قيل