بهم العقاب الذي يستحقّونه ، والخوف في ذلك اليوم لا ينفعهم. ثم إنه سبحانه بعد أن ذكر أحوال أهل العقاب من العاصين ، بيّن أحوال المطيعين وأهل الثواب فقال (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي أن الشرط في قبول إيمان المؤمن أمران : التّصديق باللسان ، والعمل بالأركان فاذا اجتمعا فهم (فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) أي في حدائق الجنان متنعّمون بأكمل النّعم وأتّمها (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي حال كونهم عند ربهم فإن لهم ما يرون من النعيم. ويحتمل أن يكون الظرف مرفوع المحلّ بناء على الخبرية للمبتدأ المحذوف ، أي هم عند ربّهم. والمراد هو القرب الرّتبي لا المسافتي أي المكاني (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) أي ما ذكر من كرم الله وتفضّلاته على عباده الصالحين هو إحسان جليل عظيم لا يعادله إحسان غيره.
٢٣ ـ (ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ) ... الإشارة إلى الفضل الكبير وهو مبتدأ خبره جملة الموصول مع صلته (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بيان للعباد المبشّرين بالنّعم المذكورة آنفا أي بشرهم الله به وقد حذف الجارّ والعائد (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) قال الثعلبي عن قتادة : إن جماعة من المشركين كانوا مجتمعين في مجلس فقال بعضهم : هل تدرون أن محمدا يسأل على ما يتعاطاه أجرا؟ فنزلت الآية أي قل لهم يا محمد : لا أطلب منكم على ما أنا عليه من التّبليغ نفعا وأجرة (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي أهل بيتي. فعن الصادق عليهالسلام : لمّا نزلت هذه الآية على رسول الله قام رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إن الله تعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟ قال فلم يجبه أحد منهم ، فانصرف. فلمّا كان من الغد قام فقال مثل ذلك فلم يجبه أحد ، وكذلك في الثالث فلم يتكلم أحد ، فقال : أيّها النّاس ليس من ذهب ولا من فضّة ولا مطعم ولا مشرب ، قالوا فألقه إذا. قال : إن الله تبارك وتعالى أنزل عليّ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فقالوا أمّا هذه فنعم. قال