الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (٢٦))
٢٤ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ) ... أي بل يقولون افترى وكذب محمد على الله كذبا بأن يقول إن القرآن من عند الله أو بادّعائه الرّسالة من عنده سبحانه ، والافتراء هو التهمة بالباطل (فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ) أي لو حدّثت نفسك بأن تفتري على الله كذبا لطبع الله على قلبك ولأنساك القرآن ، فكيف تقدر بأن تفتري على الله ، وهذا كقوله (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) أي هذا على سبيل الفرض والتشبيه من هذه الجهة. أو المعنى : أو يربط على قلبك بالصّبر على أذاهم (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) أي يزيله ويرفعه بإقامة الدّلائل على بطلانه (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) أي يثبته بالكلمات النّازلة في قرآنه من الحجج والدلائل والبراهين ، وقيل بوحيه (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي بضمائر القلوب وما يخطر فيها من الخير والشر ، فيثاب صاحب الخير ويعاقب صاحب الشر. قال عبد الله بن العباس : لمّا نزلت هذه الآية ندم أهل الافتراء وجاؤوا إلى النبيّ نادمين من قولهم وقالوا نشهد إنك رسول الله وصادق فيما جئتنا وما قلت لنا ونحن تبنا مما نظنّ بك ونجدّد إيماننا فنزلت الشريفة (هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ).
٢٥ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) ... هذه الآية الكريمة أرجى آية في كتاب الله حيث إنها مطلقة من ناحية قبول التوبة عن العصيان وإن جلّت وعظمت المعصية ، وإن بلغت ما بلغت في العظمة فإنه سبحانه وتعالى يقبل التوبة عنها والإقلاع عن العودة إلى مثلها لأنه يقبل التوبة النّصوح (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) بالغا ما بلغت السيئات فإنه تبارك وتعالى يتجاوز عنها. ثم إن قبول التوبة يستلزم العفو عن السيّئة كما هو واضح ، فذكر العفو بعد القبول للتصريح بالعفو بالدلالة المطابقية ، ولو لم