التجاوز والاعتداء فيقع المنتصر في مهلكة الظلم والعدوان ، خصوصا في حال الغضب والتهاب العصبيّة والحميّة ، لأن المجازي ربّما يصير مسلوب الشعور بكثرة الغضب وفوران الدّم ، ونعوذ بالله من تلك الحالة. ولذا فضّل الله العفو على الانتقام بقوله : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) خوفا من صدور التجاوز عن المثليّة المشروعة ، فيحسب المنتقم في من لا يحبّهم الله من الظالمين.
٤١ ـ (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) ... أي بعد ما ظلم وتعدّي عليه فانتصر لنفسه وانتصف من ظالمة في أخذ حقه (فَأُولئِكَ) أي فالمنتصرون (ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) أي من إثم وعقوبة وذمّ. وفي الخصال عن السّجّاد عليهالسلام : وحقّ من أساءك أن تعفو عنه ، وإن علمت أنّ العفو يضرّ انتصرت! قال الله تعالى (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ) ، الآية. وعن الصّادق عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ثلاثة إن لم تظلمهم ظلموك : السفلة ، والزوجة ، والمملوك. وفي الحديث : إيّاك ومخالطة السّفلة فإن مخالطتهم لا تؤول إلى خير.
٤٢ ـ (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) ... أي سبيل المؤاخذة والمعاتبة والمعاقبة على الذين يظلمون الناس ويبتدءونهم بالإضرار ويطلبون منهم ما لا يستحقّون تجبّرا عليهم (وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ) أي يتكبّرون ويفسدون فيها ويظلمون الآخرين بغيا وجورا وبلا حجة وبرهان وبلا مجوّز دينيّ ولا عقلي ، بل نخوة وفسادا. ولذا أوعدهم الله بقوله (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) على ظلمهم وبغيهم كونهم مفسدين في أرض الله.
٤٣ ـ (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ) ... أي صبر على الأذى وتحمّل المشاقّ وغفر أي صفح ولم ينتصر ولم ينهض للانتقام مع قدرته على ذلك (إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) أي الصّبر والصّفح من الأمور الثابتة التي يحبّها الله وأمر بها