كَفُورٌ) أي كثير الكفران ينسى النعمة رأسا ويذكر البليّة ويستعظمها ولا يتأمّل في سببها حتى يتعقّل أن السيئة هو بنفسه مسبّب لها ، والرّحمة هي من عند الله وبفضله وكرمه. وقد وضع الظاهر مقام الضمير للدّلالة على إن هذا الجنس موسوم بكفران النّعمة ومعروف بذلك إلا إذا أدبه الله ووفّقه لشكران نعمه سبحانه.
* * *
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (٥٠))
٤٩ و ٥٠ ـ (لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ... أي له أن يقسم النّعمة والبليّة كيف يشاء فليس للإنسان أن يغترّ بملكه من المال والجاه لأنه إذا علم أن الكلّ ملك له تعالى وما عنده هو تعالى أعطاه وأنعم به عليه ، يصير ذلك حاملا له على مزيد الطاعة والإقبال على العبادة ، بخلاف ما إذا اعتقد أن ما هو واجد له من النعم إنما هو بسبب عقله وجدّه فيصير مغترّا بنفسه معرضا عن طاعة ربّه ، وبالنتيجة يقع في حفر الضّلالة وتيه الغواية فلا يتنوّر بنور الهداية. ثم انه سبحانه ذكر بعض أقسام تصرّفه في ملكه بقوله (يَخْلُقُ ما يَشاءُ. يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) هذه الجملة بدل من يخلق ، بدل بعض من الكلّ (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) أي فقط (أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً) تفسير هذه الجمل هو ما روى القمّي عن الباقر