أي تتدبّرون لكي تفهموا معانيه وتعملوا به من حيث إن الحجة تمّت عليكم.
٤ ـ (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ) ... أي أن القرآن مثبت في اللّوح المحفوظ الذي عندنا (لَعَلِيٌ) أي لرفيع شأنه. وإنّما يقال للّوح أم الكتاب لأن الأم هي بمعنى أصل الشيء ، وحيث إن جميع الكتب السماوية تستنسخ منه فهو أصل الكتب ، وإنما يتّصف اللّوح بالحفظ لأنه محفوظ من التغيير والتّبديل. وقيل إنّ قوله (لَعَلِيٌ) لأن القرآن يعلو على سائر الكتب السّماوية المنزلة على المرسلين ، ولما اختصّ به من كونه ناسخا للكتب السماويّة ويجب العمل به وبما تضمّنه من الفوائد لكونه معجزة باقية لمحمد صلىاللهعليهوآله وغيره (حَكِيمٌ) أي محكم عن تطرّق النقص وطروء النّسخ أو الزيادة ، أو معناه : ذو حكمة بالغة وهو مظهر للحق والصّواب. ثم إنه تعالى على سبيل الإنكار يخاطب أهل الجحود والشّرك بقوله :
٥ ـ (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً) ... قال صاحب الكشاف : الفاء في قوله (أَفَنَضْرِبُ) للعطف على محذوف تقديره : (أنهملكم فنضرب عنكم الذكر) أي فنصرف عنكم القرآن صرفا ونمسك عن إنزال الوحي فلا نعرّفكم ما يجب عليكم لتتمّ الحجة عليكم من أجل سرفكم في كفركم وعنادكم؟ وبعبارة أخرى أفنمسك عنكم نزول القرآن إمساكا لأنكم قوم مسرفون في الكفر وارتكاب المعاصي؟ والاستفهام إنكاريّ ، أي لا يصير كذلك. والتعبير في الآية بالضرب لأنّ الدابّة إذا أرادوا أن يصرفوا وجهها عن طريق إلى طريق يضرب وجهها بسوط أو خيزران أو بأمثالهما ، فبهذه المناسبة وضع الضرب موضع الصرف والعدول. وضمنا تستفاد نكتة وهي أنه تعالى أنزل المشركين منزلة البهائم فاستعملها وساق الكلام مساق ما يستعمل مع الدوابّ ، ويدل على ما ذكرنا من التنزيل قوله سبحانه