عنده معرفة بعلم النبات. وبالجملة فإن كون الأشياء بحذافيرها مزوّجة مطلب مبرهن عليه في كتب علم الأشياء ، وأيضا يستفاد من بعض الآيات الشريفة أن الموجودات كذلك بتمامها وكمالها والله سبحانه أعلم بما خلق. ثم إنه تعالى يذكر نعمة أخرى من نعمه العظيمة بقوله (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) فهو تعالى يشير إلى حكمة وهي أنه خلق الأنعام للركوب ، وجعل لنا الفلك من أجل الاستواء على ظهورها كما يقول سبحانه :
١٣ و ١٤ ـ (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ ...) أي لتستقرّوا عليها في البحر والبرّ في الحضر والسفر ولتستقيموا على ظهورها ، والضّمير يعود إلى الموصول وهو لفظ (ما) وذكر الاستواء بعد قوله (ما تَرْكَبُونَ) من ذكر الخاصّ بعد العامّ فإن الاستواء على ظهره هو الاستقرار والاعتدال على ظهر الدابّة ، والركوب أعمّ من تلك الحالة (ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ) أي إذا اعتدلتم واستقررتم عليها بأن استرحتم فلا بدّ من ذكر هذه النعمة التي منّ الله تعالى بها عليكم حيث نجّاكم وخلّصكم بها من وعثاء السفر وكآبة حمل أثقالكم من بلد إلى بلد (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) فالإنسان إذا تذكّر حالته قبل خلق هذه النّعم ، يشكر الله على حالته بعد وجدانها واستفادته منها لأنها تسهّل تنقّلاته وينبغي شكرها بل العبد المنصف المطيع له تعالى يلتذّ ويشتهي شكر نعمة ربّه وبالأخصّ هذه النّعم الجسيمة. ولعل المراد (بذكر النعمة) هو التذكر بالقلوب والاعتراف بها حامدين عليها بالألسن وذلك ان يذكروها بقلوبهم معترفين بها حامدين عليها وبألسنتهم على ما علّمهم الله تعالى في كتابه (وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا) أي جعله مطيعا ومنقادا لنا (وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) أي مقاومين له وقرناء معه في القوّة ، فلا طاقة لنا به لو لا أن الله سخّره لنا (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) ولمّا كان الركوب على