عبادتهم للملائكة إلى إرادة الله على ما حكى الله عنهم :
٢٠ ـ (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) ... ومن الآية يستفاد أنهم كانوا قائلين بمذهب الجبر وهو سبحانه يردّ قولهم فيما قال (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) أي لا يعلمون صحّة ما يقولونه لأنه دعوى بلا دليل فتكون هذه المقالة في الاصطلاح مجادلة ، وإذا كانت مع الدليل فحجة ومن ذلك يظهر فساد قول المجبرة أنّ كفر الكافر يقع بإرادة الله فأبطل سبحانه قولهم وزيّف هذا الاعتقاد بقوله : (ما لَهُمْ) إلى قوله (إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) أي ما هم إلّا يكذبون. وتدلّ الآية على أن الجبر والشّرك بمثابة توأمين فالمجبرة تحسب مشركة. ولما كان إثبات الدّعوى إمّا بدليل عقليّ أو نقليّ ، وكان مدّعى بني مليح خاليا عن كليهما وعاريا عن الاثنين فلهذا نراه سبحانه ، بعد ذكر عدم الدّليل العقليّ على مدّعاهم ، يذكر عدم البرهان النقلي أيضا عليه. ويقول سبحانه ما يلي :
* * *
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ