الضمير الرّاجع إليهما أن يؤتى به بصورة الإفراد أو الجمع ، كما أنّه سبحانه تارة أتى به مفردا في المقام ، وأخرى جمعا. ويحتمل أن يرجع الضمير في انهم ومهتدون إلى الشياطين. والمعنى أن العاشين يحسبون أن الشياطين من أهل الهداية ، ولهذا الظن الفاسد لا يزالون يتبعون قرناء السّوء.
٣٨ ـ (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) ... أي إذا جاءنا العاشي وقرئ جاءانا أي العاشي وقرينه بموقف الجزاء وساحة الحساب يقول العاشي لقرينه يا ليت (بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) أي بعد ما بين المشرق والمغرب ، وقد غلّب المشرق فثني ، وقيل أراد مشرق الشتاء ومشرق الصّيف. وقال الرّازي في وجه المشرقين : إن الحسّ يدل على أن الحركة اليوميّة التي تشكّل اليوم ، إنّما تحصل بطلوع الشمس من المشرق إلى المغرب. وأمّا القمر فإنه يظهر في أوّل الشهر في جانب المغرب من الشمس ، ثم لا يزال يتقدّم إلى جنب المشرق من الشمس. وبالأخير يغرب فيه ، وبعد ليلتي المحاق يطلع من مغرب الشمس. وذلك يدلّنا على إن مشرق حركة القمر هو مغرب حركة الشمس ، ومغربه هو مشرقها ، وبهذا التقدير يصحّ تسمية المغرب والمشرق مشرقين. وهذا مبالغة كاملة في بعد المسافّة (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) أي كنت لي في الدّنيا. حيث أضللتني رفيقا سيّئا ، وفي هذا اليوم أوردتني النار. فإنهما يكونان يوم الحشر مشدودين في سلسلة واحدة زيادة عقوبة وغمّ كما عن ابن عباس ثم يقول الله سبحانه في ذلك اليوم للكفّار :
٣٩ ـ (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ) ... أي ما كنتم تتمنّونه اليوم لن يفيدكم ، ولن يجيركم من النار ولا من غضب الجبّار أحد ، ولا يريحكم من العذاب اشتراككم فيه ولا شماتة كلّ واحد منكم بصاحبه. ونقل عن واحد من الزّهاد أنه قال : كان لي صديق مؤمن من بني الجانّ وكنّا جالسين في مسجد فسألني الجنيّ وقال : كيف ترى هؤلاء الجماعة من