معبودا فآلهتنا أولى بذلك ، فحكى قولهم سبحانه (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ) أي من هذا المثل (يَصِدُّونَ) ونزلت أيضا :
٥٨ ـ (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) ... أي أم عيسى. فالضّمير راجع إلى عيسى عليهالسلام وكان نظر القوم في هذه المجادلة والمخاصمة بقصد تحقير عليّ عليهالسلام لأن معنى قولهم (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ) أم عيسى هو أن عيسى الذي كان عليّ شبيها به ومماثلا له ، فآلهتنا من الأصنام خير منه. وما قالوا هذا الكلام إلّا جدلا وعنادا لعليّ (ع) وللرسول (ص) أيضا. وبعد كلامهم هذا (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ ...) سكت النبيّ وما أجابهم انتظارا للوحي فظنّوا أن النبيّ صار ملزما ولذا ضحكوا سرورا زعما منهم بأن النبيّ أمضى كونهم على حقّ في عبادة الأصنام لأنها خير من عيسى ، فإذا كان هو معبودا للنصارى فالأصنام أولى بالعبادة. وفي المقام روايات كثيرة ونحن نذكر رواية أخرى منها تأييدا للمراد من الآية. ففي القمّي عن سلمان الفارسي رضوان الله تعالى عليه قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوآله جالس في أصحابه إذ قال : إنه يدخل عليكم الساعة شبيه عيسى بن مريم (ع) فخرج بعض من كان جالسا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ليكون هو الدّاخل ، فدخل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فقال الرّجل لبعض أصحابه : أما رضي محمد أن فضّل عليّا علينا حتّى يشبهه بعيسى بن مريم؟ والله لآلهتنا التي كنّا نعبدها في الجاهلية أفضل منه أي من علي ، فأنزل الله في ذلك المجلس (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ) يضجون فحرّفوها (يَصِدُّونَ) وقالوا (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) أي شديد والخصومة حريصون على اللّجاج و (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) أي ما بيّنوا هذا العنوان والمثل إلّا ليخاصموك حيث يحبّون الخصام والجدال لا لتميز الحق عن الباطل ولا بحثا عن الحق. وعلى هذا التفسير فالضمائر الآتية راجعة