بِمُنْشَرِينَ (٣٥) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٦) أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (٣٧))
٣٤ إلى ٣٦ ـ (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ) ... هذا رجوع إلى أحوال كفّار قريش مع رسول الله (ص) فإن قصّة فرعون مع موسى عليهالسلام كانت معترضة لبيان جهة أشرنا إليها سابقا. والمراد من اسم الإشارة هؤلاء هو كفّار قريش (لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) أي المزيلة للحياة الدنيويّة (وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) أي بعد الموتة الأولى لا حياة أبدا ، لا حياة القبر ولا حياة البعث ، وما نحن بمبعوثين. وإن لم يكن كذلك (فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) خطاب لمن وعدهم بالنشور من الرّسول والمؤمنين أي إن كان الأمر كما تزعمون فأحيوا لنا واحدا من آبائنا كقصيّ بن كلاب حتى نشاوره ونسأله عن صحة نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله وعن صحّة البعث فإن اعترف وأقرّ بهما فنحن نقبل أيضا ونصدقكم في وعدكم. وقيل إن المتكلّم بهذا هو أبو جهل ووجه اختيار قصيّ لأنه كان معروفا بالصّدق بين أهل عصره وكان شريفا.
٣٧ ـ (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) ... على وزن سكّر واحد التّبابعة من ملوك حمير ، سميّ تبّعا لكثرة أتباعه ، أو سمّوا بالتبابعة لأن الأخير يتبع الأوّل في الملك ، وهم سبعون تبّعا ملكوا جميع الأرض ومن فيها من العرب والعجم. وكان تبّع الأوسط مؤمنا بنبيّنا قبل ظهوره بسبعمئة عام وهو الذي نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله وعن سبّه لإيمانه ، وهو تبّع الكامل وكان من أعظم التبابعة وأفصح شعراء العرب. ويقال إنه نبيّ مرسل إلى نفسه لما تمكّن من ملك الأرض. والدليل على ذلك أن الله تعالى ذكره عند ذكر الأنبياء فقال (وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) وأسند