موجوداته وتنزيل الكتاب مبتدأ ، والظرف خبره كما فسّرناه على هذا التركيب ، وقيل بتراكيب أخر.
٣ و ٤ ـ (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) ... الظاهر أنّ السّماوات والأرض أخذا بعنوان الظرفيّة (لَآياتٍ) والمراد بالآيات السّماوية هي النجوم السّيارة والكواكب الثّابتة المرئيّة. وأمّا ما فيها من الأمور غير المرئيّة فآيتيّتها ثابتة لمن يعلم بها من أي طريق وبأيّ سبب كان. وأمّا الارضيّة فهي عبارة عن الجبال الراسية والأشجار الثابتة والحيوانات الماشية وغير الماشية ، والبحار الراكدة والمياه الجارية والعيون النابعة والنّباتات القائمة على ساقها والمفروشة المبسوطة على وجه الأرض وغيرها من الأمور الدالّة على قدرة قاهرة من مقتدر مطلق نافذ في كلّ شيء. ويحتمل أن يكون المراد من الشريفة أنّ نفس السماوات والأرض (لَآياتٍ) أي لهما في حدّ ذاتهما آيتيّة على التوحيد لبداعة خلقهما وغرابة صنعهما. وبعبارة أخرى : في خلق السّماوات والأرض ، فالكلام على تقدير المضاف. ويؤيّد هذا التقدير قوله (وَفِي خَلْقِكُمْ) في الآية الآتية و (لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ) أي إن فيهما لعلائم ودلائل تدلّ على الصّانع المقتدر الحكيم. وتلك الآيات دلائل على الخالق وعلى توحيده (لِلْمُؤْمِنِينَ) الّذين يصدّقون بالله وبالرّسل ، وهم المنتفعون منها لأنهم أهل النظر والتفكّر ، نظر اعتبار وتدبّر. وكذلك بالنسبة إلى خلق أنفسهم وتنقّلها من حال إلى حال ومن هيئة إلى هيئة ، فمن عروض هذه العوارض غير الاختياريّة ينتقلون إلى من بيده الأمر والاختيار والقدرة والتصرّف كيف يشاء وهذا وجه اختصاصهم بالذكر. (وَ) كذلك (فِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ) معناه وفي خلقه إيّاكم بما فيكم من بدائع الصّنعة وعجائب الخلقة وما يتعاقب عليكم من الأحوال من مبدأ خلقكم في بطون الأمّهات إلى انقضاء الآجال ، (وَ) في خلق (ما يَبُثُ) أي يفرّق وينشر على