التكوينيّة. وقيل إن (بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ) يعني (بعد آيات الله) فقدّم لفظ الله للمبالغة والتّعظيم ، كقوله (أعجبني زيد وكرمه) أي : أعجبني كرم زيد ، لكنّه خلاف الظاهر. وأمّا الحذف في الكلام فبابه واسع بحيث يعدّ من محاسنه ، وذكر ما من شأنه أن يحذف يحسب غير مقبول ، وربما يخرج الكلام عن الفصاحة ويحتمل أن يكون المراد أن (بعد ذاته جل وعلا) الذي هو في غاية الظهور و (بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ) الدالة على توحيده مع كثرتها من الآفاقيّة والأنفسيّة فبأي حديث تؤمنون ، وبأيّ سناد تستندون؟ وهذا توبيخ منه تعالى لهم. وبعد ذلك يعقّبه بالتّهديد بقوله تعالى فيما يلي :
* * *
(وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آياتِ اللهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٩) مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٠) هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (١١))
٧ و ٨ ـ (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) ... الويل كلمة وعيد يهدد بها الكفّار ، أو واد سائل فيه من صديد جهنّم ، أو بئر في قعر جهنّم مملوء من صديدها. والأفّاك يطلق على من عظم إثمه ، أي كذبه أو كثر. وها هنا المراد هو المعنى الأول والأثيم مبالغة في كثرة إثمه كمسيلمة الذي ادّعى