٢٢ ـ (وَخَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) ... أي هما مخلوقان عظيمان له سبحانه يدلّان على قدرة كاملة لا يتصوّر فوقها قدرة أعظم منها أو مثلها و (بِالْحَقِ) أي لا باطلا وعاطلا بل خلقهما لمصالح وحكم منها ما بيّن بقوله سبحانه : (وَلِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) أي خلقهما وخلق ما فيهما لجعلهما مورد اختبار وامتحان لتجزى كل نفس بما كسبت. فلو لا خلق السّماوات والأرض لم يكن هناك مخلوق ، فينتفي موضوع الاختبار وموضوع الجزاء. وقوله (وَلِتُجْزى) عطف على (بِالْحَقِ) لكونه في مورد التعليل ولذا عطف عليه. وقيل عطف على مقدّر ، أي خلقهما للدلالة على وجوده وقدرته ولتجزى ... (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) أي في الجزاء بنقص ثواب وتضعيف عقاب على ما يستحقّه. وقيل معنى قوله (بِالْحَقِ) أي بالعدل ، فمقتضاه أن لا يساوى الكافر بالمؤمن ، ونقل عن سعيد بن جبير أن قريش كانوا يعبدون العزّى وهي حجر أبيض ، وكانت عادتهم إذا وجدوا شيئا آخر يصير طبعهم أرغب إليه ، فيعرضون عن الأوّل ويتركونه ويعبدون الثاني. فالله سبحانه يقول لنبيّه صلواته عليه وعلى آله تعجّبا :
٢٣ ـ (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) ... أي أخبرني ، أو : أو ما ترى من اتّخذ إلهه هواه؟ والقميّ قال : نزلت في قريش كلّما هووا إلى شيء عبدوه. قال : وجرت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله في أصحابه الذين أغضبوا أمير المؤمنين عليهالسلام واتّخذوا إماما بأهوائهم. والحاصل أن من اتّخذ إلها طبق هوى نفسه فإلهه هو نفسه لأنّه مطيع لها ومنقاد لأوامرها ونواهيها فليس له إله إلّا هي ، فهو مشتبه في كونه يعبد صنما أو وثنا أو إنسانا أو ملكا وأمثال ذلك بل هو عابد لنفسه في جميع تلك المراتب وهذه مصاديق عبادته لنفسه لأنها بأمرها تتحقّق. فكلّ ما تأمره به نفسه فهو خاضع لها. وظاهر الشريفة يحكم بذلك لأنّ هوى