تلك العظمة والاقتدار (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) العامل للنّصب في (يَوْمَ) فعل (يَخْسَرُ) المبطلون و (يَوْمَئِذٍ) بدل من (يَوْمَ) تقوم إلخ ... ولا يخفى أنّ الحياة والعقل والصّحة رأس مال الإنسان في تحصيل السعادة الدنيويّة والأخروية ، كما أن رأس مال التاجر سبب لتحصيل الرّبح ومزيد أمواله. والمبطلون أسرفوا فرأس مالهم في الكفر والشقاوة فما حصّلوا إلّا الخذلان والضلالة وذلك غاية الخسران والغواية.
٢٨ ـ (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً ...) أي يا محمّد ترى يوم القيامة أمّة كلّ نبيّ يحشرون مجتمعين ، أو جالسين على ركبهم أو على أطراف أصابعهم كهيئة التابع للإمام في تشهّده في صلاة الجماعة. وهذه الكيفيّة من القعود تكون من هيبة ذلك اليوم والخوف العارض للنّاس ، لأنهم ينتظرون إحضارهم للمحاسبة ، اللهم أعذنا من شرّ ذلك اليوم (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) أي إلى صحيفة أعمالها فيقول الآتي بكتاب العمل : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي هذا اليوم يوم أجر الأعمال الماضية التي فعلتموها في الدنيا ، وهذا اليوم هو اليوم الذي كنتم تصرّون على إنكاره أيّها المنكرون. وهذه من الجمل المطويّة في الآية الشريفة.
٢٩ ـ (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ ...) أضاف سبحانه كتب أعمال العباد إلى نفسه لأنّها مدونة بأمره. يعني هذا الكتاب كتبه الحفظة بأمرنا وهو يتكلّم ويشهد عليكم بالحقّ أي بالصّدق والصّحة بما عملتم بلا زيادة ولا نقيصة (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بأن أمرنا الملائكة بكتابة أعمالكم اليوميّة واللّيليّة.
* * *