أي بالوعيد والبعث (وَالسَّاعَةُ) أي القيامة (لا رَيْبَ فِيها) أي لا شكّ فيها. وهذه الشريفة في مقام تهديد كفرة مكة (قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) في مقام الإنكار ، وإلّا فإن تفصيل الساعة قرئ عليهم مكرّرا فكانوا يقولون : (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) يعنون بذلك فرارهم من الجواب (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) هذه الجملة بدل عن قولهم (إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا) أي ليس لنا يقين بيوم حساب وكتاب وبعث وحشر ، إن هي إلّا حياتنا الدنيا ، وزائدا على ذلك لا يقين لنا به.
٣٣ ـ (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا ...) أي تظهر لهم في الآخرة قبائح أعمالهم وأقوالهم ويعرفون وخامة عاقبتهم ويعاينون جزاء أفعالهم السيئة (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي نزل وحلّ بهم جزاء تكذيبهم وسخريتهم من العذاب الشّديد.
٣٤ ـ (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ ...) أي نخلّيكم في العذاب ترك ما ينسى (كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) أي هذا اليوم الموعود وتركتم التأهّب للقاء ربّكم في هذا الملتقى ولم تبالوا به (وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي من معين يعينكم ، وناصر ينصركم في نجاتكم من النّار.
٣٥ ـ (ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً ...) أي ذلك الذي فعلنا بكم لأجل استهزائكم بأنبيائنا ورسلنا وكتبنا المنزلة إليكم لأن تقرأ عليكم وفيها حلالكم وحرامكم وواجباتكم ومحرّماتكم وفيها المنبّهات والتذكيرات والتبشيرات والتخويفات والقصص والحكايات (وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) فأنستكم الحياة الآخرة فحسبتم أن لا حياة سواها (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها) أي من النار (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) أي لا تطلب منهم العتبى ، أو معناه أنهم لا يعاتبون لأن العتاب علامة الرضا وهم فعلوا كلّ موجبات الغضب والسخط فلا خطاب ولا عتاب أي لا يعتنى بهم بل لهم جحيم وعذاب. فلا يطلب منهم أن يرضوا ربّهم بالتّوبة إذ لا تقبل التوبة حينئذ