عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) أي شيء من عذاب الله ، لأنهم لم يعتبروا ولا استفادوا ممّا أنعم الله به عليهم من القوى والجوارح (إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) أي ينكرونها مع كونها في غاية الظهور في الدّلالة على التوحيد كنوع معجزات الرّسل (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي نزل عليهم من العذاب والعقاب الأليم لاستهزائهم بالأنبياء والرّسل وبما جاءوا به من الكتب المحتوية على التوحيد والشرائع والسّنن. والحاصل أنّ الناس من غير المؤمنين على قسمين : طائفة لا يقبلون دعوة دعاة الله ولكنّهم لا يستهزئون بهم ولا يؤذونهم ولا يؤذون من آمن بهم واتّبعهم ، وطائفة أخرى مضافا إلى أنهم لا يؤمنون ، يسخرون ويهزأون بهم ويؤذونهم ويؤذون المؤمنين ، فهؤلاء أشدّ كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله.
٢٧ ـ (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ ...) توعيد وتنبيه ، والخطاب لأهل مكّة. أي أهلكنا من هم حواليكم (مِنَ الْقُرى) يعني أهلها كعاد وثمود وقوم لوط وسدوم وأصحاب الحجر (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) أي كرّرناها تارة في الاعجاز ، وتارة في الإهلاك ، وأخرى في التّذكير وطورا في وصف الأبرار ليقتدى بهم ، ومرّة في ذمّ الفجّار ليجتنب عنهم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) أي يعودون عن كفرهم ونفاقهم.
٢٨ ـ (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ ...) أي فهلّا نصرهم ، يعني منعهم من العذاب آلهتهم الذين أخذوهم معبودين لهم غير الله تعالى (قُرْباناً) أي متقرّبا بهم إلى الله (آلِهَةً) بدل من قربانا أو مفعول ثان (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) أي غابوا عنهم عند حلول العذاب ونزول العقاب (وَذلِكَ إِفْكُهُمْ) أي كذبهم واتّخاذهم الأصنام آلهة (وَما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي وافتراؤهم على الله الذي كانوا يفترونه.
* * *