لقوله ويجركم من عذاب أليم. والحق هو القول الأوّل وأنّهم في حكم بني آدم بلا فرق بينهم من هذه الجهة لما رواه علي بن إبراهيم من أنّهم جاؤوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يطلبون شرائع الإسلام فأنزل الله على رسوله (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ) ، إلى تمام السورة فآمنوا برسوله. ويدلّ هذا على أنّه صلىاللهعليهوآله كان مبعوثا إلى الجنّ كما كان مبعوثا إلى الإنس ، ولم يبعث الله قبله رسولا إلى الإنس والجنّ.
٣٢ ـ (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ ...) المراد يمكن أن يكون خصوص خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله ، ويحتمل أن يكون العموم مرادا على طريق الجملة الحقيقيّة ، أي كلّما وجد داعي الله عزوجل فيجب إجابته ، ومن لا يجب داعي الله (فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ) أي لا يعجز الله بالهرب منه إذ لا يفوته هارب (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ) أى ليس له من غير الله أحبّاء يمنعونه منه (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي الذين ما أجابوا داعي الله كانوا في ضلالة وغواية واضحة لكلّ أحد حيث أعرضوا عن إجابة من هذا شأنه. وقال القمّي : هذا كلّه حكاية كلمات الجنّ. وذكر في سبب نزول هذه الآية مسطورا في التفاسير المبسوطة فليراجعها من أراده وسئل العالم عليهالسلام عن مؤمني الجن أيدخلون الجنّة؟ فقال عليهالسلام : لا ، ولكن لله حظائر بين الجنّة والنار يكون فيها مؤمنو الجنّ وفسّاق الشيعة. وهذه الرّواية تلائم بين القولين السّابقين وتجمع بينهما فتدبر.
* * *
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا