السّلام : إن لك قلبا ومسامع ، وإن الله إذا أراد أن يهدي عبدا فتح مسامع قلبه ، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبدا ، وهو قول الله عزوجل (أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها).
٢٥ ـ (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ) ... أي رجعوا إلى كفرهم ونفاقهم (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى) بالحجج الواضحة ، وظهر لهم الطّريق الحقّ والصّراط المستقيم الموصل إلى نبوّة خاتم الرّسل صلوات الله عليه وآله وإلى صحّة دعوته بالتّوحيد (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ) أي زيّن لهم اتّباع أهوائهم في آمالهم ، أو مدّ أملهم ، أو أملى لهم يعني أنه تعالى أمهلهم وأجلّ عقوبتهم حتى يزيدوا في العصيان فيزداد لهم الله في العقوبة.
٢٦ ـ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا) ... أي التّسويل والإمهال كان منه سبحانه ، لأنّ المشركين والمنافقين منهم الذين أظهروا الإيمان وأخفوا شركهم ، قالوا للذين كانوا باقين على كفرهم ولم يؤمنوا وكانوا كارهين لما أنزل الله من القرآن وما فيه من الأحكام من الأوامر والنّواهي وغيرهما ، قالوا لهم : (سَنُطِيعُكُمْ) ... وفي المجمع عنهما عليهماالسلام أنّهم بنو أميّة كرهوا ما أنزل الله في ولاية عليّ عليهالسلام فقال لهم المنافقون (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) كالتّظاهر على عداوة محمد صلىاللهعليهوآله والقعود عن الجهاد. أو المراد ببعض الأمر هو إنكار ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام وما أنزل في شأنه وفي شأن أهل البيت عليهمالسلام وهذا أظهر من الأوّل ، والعلم عنده تعالى. وفي الكافي عن الصّادق عليهالسلام في هذه الآية قال : فلان وفلان ارتدّا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام ، ثم قال : والله نزلت فيهما وفي أتباعهما ، إلخ (وَاللهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) أي يظهرها للنّاس ليفضحها ويكشف سوء سرائرهم.