ظاهر الحمل ، فيلزم على هذا أن الله تعالى خلق خلقا عبثا ، وتعالى الله عنه علوّا كبيرا ، فهذا المعنى ليس بمراد قطعا وبلا ريب. فالحمل حمل تنظير وتشبيه من حيث قصر المدة وسرعة المضيّ (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) من ثواب إيمانكم وأجر تقواكم. فالفائدة ترجع إليكم وتعود عليكم (وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) أي جميع الأموال بل يقتصر على يسير منها كالعشر ونصف العشر ، والإتيان بالجمع في قوله أموالكم دليل ما فسّرنا الآية به ، لأنه (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها) أي أنه سبحانه إن يسألكم جميع أموالكم ويجتهد في طلبها (فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا) أي يدري بأنكم لا تجيبوه وتبخلون في مسئوله مع أن جميع ما بيدكم منه تعالى وهو مالكه وله ملك السّماوات والأرض. والبخل بالمال هو أعلى مراتب البخل ومن يبخل به فإنه أبخل الناس وهكذا يحسب ويعدّ مضافا بأنه (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) قال القمّي يظهر العداوة التي في صدوركم. يعني يخرج البخل أو طلب جميع الأموال أحقادكم التي أشربت في قلوبكم من سابق الأيام.
٣٨ ـ (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ) ... القمّي معناه أنتم يا هؤلاء (تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) كلمة (ها) لتنبيه المخاطبين وتوجّههم إلى ما يخاطبون به. والحاصل أنه سبحانه يتوجّه خطابه العام إلى أصحاب النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله بأنكم لو دعيتم لإنفاق مقدار من أموالكم في نفقة الجهاد ومصارف الفقراء وما يحتاج إليه حفظ بيضة الإسلام (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) أي من جملتكم من يبخل بماله ولا يرضى الإنفاق. وهذا إخبار عنه تعالى عمّا في ضمير بعض عباده. وبعد ذلك يبيّن نتيجة بخله بقوله سبحانه (وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) أي من أمسك عمّا فرضه الله عليه ويمنع نفسه عن الإنفاق في سبيل الله فهو في الحقيقة ونفس الأمر يمنع عن نفسه لأنّ نفع الإنفاق يعود إليه وضرر البخل والإمساك عائد عليه (وَاللهُ الْغَنِيُ) لا يحتاج إلى إنفاقكم وأموالكم التي هو يعطيها لكم