(إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٨) لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٩))
٨ و ٩ ـ (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً) ... أي على أمّتك أو على الأمم بأجمعهم أو على جميع البشر على ما تقتضيه أرفعيّة مقامه السّامي وامتيازه عن كلّ إنسان من الأوّلين والآخرين ، فهو صلوات الله وسلامه عليه شاهد عليهم بما عملوه من الطّاعة والعصيان والرّد والقبول ، كما أنّه الشافع المشفّع لهم أجمعين يوم الدّين ، حيث أن جميع الخلائق يكونون حيارى كالسّكارى في ذلك اليوم ويرون أنفسهم مقصّرين عند ربّهم فكلّهم يرجون شفاعته وعنايته بهم ولهم (وَمُبَشِّراً) للمطيعين بالنّعم الأبدية وللعاصين بالنّقم الدائمة (وَنَذِيراً) أي مخوّفا لمن قلنا ، وبما قلناه (لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) الجارّ متعلّق بقوله (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) والتخاطب مع الحاضرين من أمّته صلوات الله عليه وآله. وقرئ بالياء مع ما بعده من الجمل الثلاث ، وهي قوله (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) أي تقوّوه وتنصروه بنصر دينه ورسوله ، وتبجّلوه وتعظّموه بتبجيل رسوله أو تعظيم دينه (وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) أي صباحا ومساء. ولعلّ المراد هو الدّوام في الذكر أو فيه وفيما قبله. والظاهر أن (الهاء) في الجمل الثلاث راجعة إليه تعالى بقرينة الأخيرة. أو نقول إنّ تعزيره الرّسول وتوقيره هو تعزيره سبحانه وتوقيره كما أن مبايعته والمعاهدة معه (ص) هي معاهدة الله على ما في الآية التّالية :
* * *
(إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ