يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا) أي من يقدر على دفع الضرر عنكم لو شاء الله أن يتوجّه إليكم بقتل أو هزيمة (أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً) أي من الذي يمنع الخير الذي جرت المشيئة على أن يصل إليكم (بَلْ كانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) أي يعلم وجه تخلّفكم وعلّة اعتذاركم واستغفاركم ولا يخفى عليه شيء من ذلك. ثم إنّه تعالى أخذ في بيان وجه التخلّف فقال عزوجل :
١٢ ـ (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ) ... أي ما كان تخلّفكم لما قلتم ، بل كان سببه زعمكم بأن النبيّ (ص) لا يعود ولا يرجع إلى المدينة أبدا لأنه يهلك مع صحبه على أيدي أهل مكة ولن يرجعوا (إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً) لاستئصال قريش لهم (وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ) أي أشرب هذا المعنى وتمكّن فيها بحيث صارت مزيّنة به (وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً) جمع بائر أي هالكين والمراد بظنّهم السّوء هو ظنّهم في هلاك النبيّ والمؤمنين. وهذه الأخبار كلّها من الأمور التي لا يعلمها إلّا من يطّلع ويدري خائنة الأعين وما تخفي الصّدور ، ولا يكون غيره سبحانه ، ولذا تكون معجزة لنبيّنا صلىاللهعليهوآله. ثم إنّه تعالى توعيدا وتهديدا لهؤلاء الكفرة بعد تهديدهم بكونهم من أهل البوار والهلاك يقول فيما يلي :
* * *
(وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٤))