رجم بالغيب (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً) من الأمور الدنيويّة التي تدور أمور معاشهم عليها.
١٦ ـ (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ) ... إن الله سبحانه كرّر ذكرهم بهذا العنوان لنبيّه بشناعة التخلّف وإشعارا بذمّهم : (سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) والمراد أن النّبيّ صلىاللهعليهوآله عمّا قريب يدعوهم إلى قتال أقوام ذوي نجدة وشدة مثل أهل حنين والطائف ومؤتة وتبوك وهوازن وغيرهم من المشركين (فَإِنْ تُطِيعُوا) أوامره ونواهيه (يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) ولعلّ المراد به هو الغنيمة في الدّنيا والثواب والأمن من عقابه في الآخرة (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أي انصرفتم عن الحديبية (يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي في الآخرة لتضاعف جرمكم حيث إن الإعراض عن القتال من الكبائر العظام.
١٧ ـ (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ) ... لمّا أوعد الله المتخلفين ظنّ العجزة إن الوعيد شملهم فنزلت الآية الشريفة لتسكين خواطرهم وأنهم معذورون فلا بأس عليهم إذا تخلّفوا ولا إثم عليهم في ترك الجهاد. ثم إن دين الله وشرعه الذي كان أمره مفوّضا إلى أشرف بريّته من الأولين والآخرين ، ولمّا كان مبنيّا على السّماح والتساهل ، فلذا نرى في كثير من الموارد رفع تكليفه عن عباده تفضّلا منه ورحمة بهم ، ومن ذلك أمر الجهاد في حال أنه من أعظم أحكامه سبحانه في استقامة دينه ونظام شريعته ، فرفع قلم التكليف عن المذكورين في الكريمة مع أنه يرفع المجاهدين إلى الدرجات العليا في الآخرة ، ومع أن التحريض عليه والحرص على تكثير سواد الجيش يقتضي أن لا يعفى منه أحد حتى النساء فانها تحمل اليه للمساعدة في تهيئة الطعام وإسعاف الجرحى وتضميد جراحاتهم ، ومع ذلك فإنه سبحانه وتعالى مع وضع قلم التكليف بالجهاد على جميع الناس ، رفع عنهم ذلك امتنانا وتسهيلا كما