(مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ) أي جعلكم تغلبونهم. والمراد من المغلوبين هم الثمانون المذكورون آنفا (وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) من جدالكم معهم أوّلا واطلاقكم إيّاهم تعظيما وتجليلا للبيت الحرام ثانيا وقرئ بالياء (يعملون). ويحتمل أن يكون المراد من المظفر عليهم هم أهل خيبر وحلفاؤهم الذين ذكروا قبلا. وهذا الحمل خلاف ظواهر الآيات السّابقة واللّاحقة.
٢٥ ـ (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ) ... الضمير راجع إلى كفّار مكّة الذين منعوا الرّسول والصّحابة من دخولهم الحرم ومن نحر الإبل في محلّها وهو مكّة كما منعوا ذبح الأغنام في محلها وهو منى على ما هو المرسوم في عصره صلوات الله عليه وآله حيث أنهّ منحر الهدي في العمرة كان مكّة ، كما أن النّحر في الحج كان منى ، وفي الصّدّ ينحر حيث يصدّ كما فعل هو صلىاللهعليهوآله ، وكان معه صلىاللهعليهوآله من الهدي إلى المحلّ الذي يحلّ ونحرها بأجمعها في الحديبيّة وهي مكان الصّد. وقوله (مَعْكُوفاً) حال من (الْهَدْيَ) ومعناه ممنوعا ومحبوسا عن وصول الهدي إلى المحلّ الذي يحلّ فيه نحره. ثم إنه سبحانه بعد تعيين الصادّين أخذ في بيان سبب المنع عن دخول المسلمين في تلك السنة إلى المسجد الحرام مع أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله لو قاتلهم في تلك السنة لغلبهم لأنّ الله تعالى وعده النصر فقال سبحانه (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) في القمّي : يعني بمكّة (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) أي أنتم لا تعرفونهم وغيركم أيضا ليس لهم علم بإيمانهم حيث إنهم يعملون بالتقيّة ويكتمون إيمانهم ويختلطون بالكفّار وكانوا بينهم كأحدهم فلا يعرفون بأعيانهم (أَنْ تَطَؤُهُمْ) أي أن تهلكوا حين المقاتلة لو أذن لكم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ) أي بعد علمكم بقتلهم تلزمكم من جهتهم تبعة من دية لقتلهم خطأ أو إثم بترك الفحص عنهم والتأثر والتأسّف عليهم وغير ذلك مما يترتب على قتل المؤمنين والمؤمنات