بغير علم بهم بعينهم وقوله (أَنْ تَطَؤُهُمْ) بدل اشتمال عن الضّمير في (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) أو عن (رِجالٌ) كما أنّ قوله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) منصوب محلا بناء على الحاليّة من فاعل (لم تطأوهم) وجواب الشرط محذوف والتقدير (لولا أن تطأوهم غير عالمين بهم لما كفّ أيديكم عنهم) ، (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) أي فكفّ عن القتال وصولحوا ليدخل الله المؤمنين ومن أسلم بعد الصّلح من الكفرة (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي لو تفرّقوا بحيث تميّزوا عن المشركين وعرفوا بأشخاصهم (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) باهلاك الكفرة وسبي عيالاتهم وذراريهم ونهب أموالهم أو إحراق بيوتهم عليهم فإن العذاب الأليم كلّما يطلق في عذابات القيامة يراد منه نوع الإحراق بالنّار ولعله يراد به المرتبة الشديدة منه ، لأن نفس هذا اللفظ يدل بمقتضى وضعه على ما يشقّ على الإنسان ، واتّصافه بهذه اللّفظة التي تدل على الألم والتوجّع الشديد يؤكده ، والعذاب بالنّار أشدّ العذابات في الدّنيا والآخرة على ما يستفاد من قول أمير المؤمنين في حدّ من تجاوز بغلام واعترف ثلاث مرات بإيقابه له فاختاره المولى بين أمور ثلاثة : الرّمي من الشهاهق ، والرّجم ، والإحراق ، فسئل أمير المؤمنين عن أشدّها فقال سلام الله عليه : النّار ، فاختار النار.
٢٦ ـ (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ... كلمة (إِذْ) ظرف لعذّبنا ومتعلّق به الذين كفروا أي حينما جعل الذين (فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) يعني نخوة الجاهليّة وأنفتها التي أشربت في قلوبهم بحيث لا تخرج إلّا بصمصام أمير المؤمنين سلام الله عليه وما دامت هي باقية فهم لا يذعنون للحق والحقيقة (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) ولما كانت الحميّة التي في قلوبهم مانعة لإذعانهم وتصديقهم بالألوهيّة والتوحيد والرّسالة ، فلذا كان هو صلوات الله عليه وآله دائما في قلق وانزعاج