(١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (١٤) وَقالُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ داخِرُونَ (١٨) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩))
١١ ـ (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً ...) أي استخبرهم واسألهم هل هم أقوى خلقا (أَمْ مَنْ خَلَقْنا؟) أي قبلهم (بقرينة الفعل الماضي) من الأمم الماضية والقرون السّالفة ، يعني أنهم ليسوا بأحكم وأتقن من حيث الخلقة والقوى ممّن سبقهم وقد أهلكناهم بعذاب واقع وكذلك ليسوا أشدّ خلقا من السّماوات والأرض وما بينهما وما فيهما من الكواكب والشّهب الثاقبة (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ) في القمّي : يعنى يلزق باليد. والحاصل أنه تعالى بيّن بدء الخلقة ومنشأها وأن الخلق عندنا سواء ، فإذا كنّا قادرين على إيجادهم في ابتداء الخلقة من التراب فكذلك نقدر على الإيجاد منها ثانيا بأن نجمعهم منها ولو صاروا ترابا وعظامهم رفاتا ونحشرهم ليوم الجمع للجزاء ومكافأة الأعمال فإذا عرفوا بدء خلقهم لم يستبعدوا بعثهم فلم ينكروه.
١٢ ـ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ...) أي تتعجّب من إنكارهم البعث مع كمال قدرتنا وهم يشاهدونها في بدء خلقهم وخلق غيرهم والحال أنهم يسخرون ويستهزئون بقولك في البعث وغيره من الآيات ودلائل التوحيد والقدرة ، ولا يتفكرون في شيء مما جئتهم به. فكيف تتعجّب منهم والحال أنهم هكذا؟ يعني لا تتعجّب من هؤلاء الذين هم كالبهائم بل هم أضلّ طريقا ، والدّليل على ذلك أنّهم :