الجهات السّت. فالمراد هو المعنى الذي ذكرناه أوّلا. نعم يمكن أنّ ذكره تعالى كان تعظيما للرّسول (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي اتقوه تعالى في أوامره ونواهيه ، وفي التقدم عليه وعلى رسوله في جميع شؤونكم لأنّه يسمع أقوالكم ويعلم أفعالكم وآراءكم وما يخطر ببالكم ، فلا بدّ أن تكون أعمالكم صادرة إمّا عن وحي منزل أو عن أسوة برسول الله صلىاللهعليهوآله فالآية الشريفة في مقام تأديب الناس وعدم إقدامهم على أمر إلّا بإذن من الله ورسوله ، فإذا سئل الرّسول في مجلسه عن مسألة فليس لأحد أن يجيب إلّا بإذن منه ، فإذا أجاب عن السؤال قبل جوابه (ص) وبلا رخصة منه فإنه سوء أدب وتجاسر على ساحته الشريفة.
٢ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) ... هذه الشريفة في بيان مصداق من مصاديق التجاسر عليه وخلاف الأدب بساحته ، ولذا فهو سبحانه قد منعهم ونهى عن رفعهم أصواتهم فوق صوت النبيّ فإنهم ما كانوا ليفقهوا أن رفع الصّوت كان تجاسرا فنبّههم بأن هذا تجاسر عليه وسوء أدب بالنسبة إليه (ص) (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) أي فيما خاطبتموه فإنه ليس كأحدكم حيث إنّ له شأنا شامخا ليس لأحد من البشر من آدم ومن دونه. والحاصل أنه ليس بعد مقام القدس الرّبوبي مرتبة أرفع وأجل من مرتبة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، ولذا بيّن سبحانه أن رفع الصوت بين يديه تجاسر عليه محرّم لأن من كان هذا شأنه لا يجوز أن يخاطب كما يخاطب أعراب الجاهليّة ، على أن هذه الأمور تكون هتكا لمقام الأكابر والزعماء ، فكيف بالرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم قد كانوا يجلسون بخدمته بحسب هواهم أو ينامون في حضرته الرّفيعة ويقولون بجرأة : حدّثنا يا محمد حتى ننام يعنون بذلك حديث النّوم وقصّته ، ونقل أنهم كانوا يضعون رؤوسهم على فخذه الشريفة ويقولون حدّثنا أي كما يقول الأطفال لأمّهاتهم أو جدّاتهم وبالجملة