١٣ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ) ... نقل أرباب التفاسير في شأن نزول الآية الشريفة وجهين : أحدهما أنهم رووا عن زيد بن منجزة أنه قال إنه في يوم من الأيام مضى رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى سوق المدينة فرأى غلاما وهو في معرض البيع والغلام ينادي أن من أراد شرائي فهو مشروط بأن لا يمنعني عن صلاتي في أوّل أوقاتها مع رسول الله صلىاللهعليهوآله. فاشتراه رجل بهذا الشرط فكان يراه الرّسول في أوّل أوقات الفرائض وهو يقتدي به صلىاللهعليهوآله. فمضت أيام على الغلام وهو بهذه الحالة. وبعد ذلك خلت أيام أخر وهو صلىاللهعليهوآله لا يرى الغلام ، فسأل مولاه فقال : هو مريض يا رسول الله. فعاده الرّسول ، وبعد أيام أخر سأله (ص) عن الغلام فأجاب بأنه مات. فقام رسول الله (ص) ومعه الأصحاب في تشييعه وغسّله وكفّنه بنفسه النفيسة وصلّى عليه ودفنه. فتعجّب المهاجرون والأنصار فالله سبحانه وتعالى أنزل هذه الكريمة وبيّن فيها بأنّ النسب بما هو ليس فيه أثر ، وإنما المقرّب إليه تعالى ليس إلّا التقوى التي بها تحصل الفضيلة والكرامة والشرف وبمضمون تلك الآية المباركة أشار سيّد العابدين وزينهم الإمام علي بن الحسين أرواح العالمين لهما الفداء بقوله : إنما خلقت النّار لمن عصى الله ولو كان سيّدا قرشيّا ، والجنّة لمن أطاع الله ولو كان عبدا حبشيّا. والثّاني من الوجهين هو ما نقلوه عن عبد الله بن العبّاس أنه قال : نزلت الشريفة في ثابت بن قيس حينما عرّض بقرين له وقال أنت ابن فلانة تعريضا وتعييرا. فالتفت النبيّ وقال صلىاللهعليهوآله : من القائل باسم فلانة؟ فقام ثابت وقال : أنا يا رسول الله فقال عليهالسلام : فانظر في وجوه هؤلاء الناس فما ترى فيها فقل لي فلما نظر قال ما أرى إلّا ألوانا مختلفة بعضها سواد وبعضها بياض ، وبعضها أحمر والآخر أصفر. فقال (ص) فأنت لا تفضلّهم إلّا بالتقوى والدّين ، فنزلت الآية تأييدا لقول النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله. وقال مولانا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسّلام : الشرف بالفضل والأدب لا