يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٨))
١٤ ـ (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا) ... نزلت الكريمة على ما يروى عن ابن عباس في نفر من بني أسد قدموا المدينة في سنة مجدبة فأظهروا الشهادة وأغلوا أسعار المدينة وكانوا يقولون لرسول الله (ص) أتتك العرب بأنفسها على ظهور رواحلها وجئناك بالأثقال والذراري ، يريدون الصّدقة ويمنّون عليه ، فنزلت هذه الآية الشريفة وفرّقت بين الإسلام والإيمان ، وهذا هو الظاهر من قوله تعالى : (قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) نعم فرق بينهما وهو أن الإسلام هو الشهادة بهاتين الكلمتين بشرط أن لا تكون لقلقة باللسان وخدعة للمسلمين. فقوله (ص): من قال لا إله إلّا الله محمد رسول الله فهو مسلم رواه الشّيعة والسّنة ، وهو من جملة مصادر الفرق بينهما ومعلوم أن الاكتفاء بتينك الكلمتين لورودهما في صدر الإسلام لتسهيل الأمر على المسلمين ولتكثيرهم ، وهذا المختصر رمز لما أشرنا إليه ، ولا مانع من أن يكون الملاك أمرا آخر. وأمّا الإيمان فهو مضافا إلى هاتين الكلمتين المباركتين لا بدّ للإنسان فيه من أن يكون معتقدا بجميع الأمور الدينيّة المذكورة في محلها ككتب الصّدوق رحمهالله في العقائد ونهج المسترشدين في هذه العقائد للحلّي رحمهالله ، ونحوهما من أعلام الملّة الإسلامية (وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً ، إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ). قوله تعالى (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) من ألت يألت ، بالألف في المضارع ينقلب ياء للتّخفيف. والألت هو النّقصان ، أي نقص ينقص. فمعنى الشريفة هو أنه إن تطيعوا الله ورسوله لا ينقص من أجر عملكم شيئا. وألت يعمل عمل لعلّ أي ينصب الاسم ويرفع الخبر (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) كلمة (غَفُورٌ) صيغة مبالغة وهي هنا بمعناها الواقعي ، ولعلّ