وجه تقدّمها على (رَحِيمٌ) مع أنّها أيضا صيغة مبالغة هو ما أشرنا إليه سابقا من أن الغفوريّة أكثر أفرادا من الرحمانيّة كما عليه جماعة من أعاظم فقهاء الإسلام عليهم الرّحمة.
١٥ ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ... أي المؤمنون الّذين آمنوا بالله ورسوله (ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) أي لم يشكّوا ولا كذبوا في ادّعائهم الإيمان أو في متابعتهم لعليّ عليهالسلام ، ولا يخفى أنّ الإيمان الحقيقي يلازم المتابعة له دون شكّ في ولايته وبالعكس.
١٦ ـ (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) ... أي هل تخبرونه به بقولكم آمنّا بك وبما جاء به محمد (ص) من عندك (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي أنّه سبحانه وتعالى أعلم بما يقع في السّماوات وما يحدث في الأرض قبل أن يقع وبعده من كلّ من يعلمه فكيف بمن لا يعلمه؟ والحاصل أنه سبحانه لا يحتاج إلى تفسير أيّ من الأمور الظاهريّة والخفيّة ولا تخفى عليه خافية. وهذا توبيخ لهم لقولهم (آمَنَّا) وهذه في واقع الأمر منّة على النبيّ صلىاللهعليهوآله والدليل قوله سبحانه :
١٧ ـ (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) ... أي يحسبون أنّك تستفيد بإسلامهم ولذا يعدّونه منّة عليك (قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) لا تحمّلوني جميلا به ولا منّة (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) وله سبحانه الفضل والمنّة على هدايتكم لهذا الدين الشريف الذي دعا إليه الأنبياء فإنهم سلام الله عليهم من ابتداء بعثتهم إلى آخر أعمارهم كانوا مأمورين بهداية الناس فما آمن بهم إلّا القليل منهم ، وهم من هداهم الله ولم يهتدوا من تلقاء أنفسهم. وهذا أوضح وأهمّ دليل على عدم الملازمة بين الهداية والاهتداء (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي في ادّعاء الايمان مضافا إلى الإسلام ويفهم من قوله تعالى :