(٢٨) قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٢٩) وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ (٣٠) فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ (٣١) فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ (٣٢) فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ (٣٣))
٢٧ و ٢٨ ـ (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ ...) أي واجهه وقابله للسّؤال يسأل بعضهم بعضا توبيخا فيقول المغوي للغاوي : لم أغويتني وأضللتني : فيجيبه المغوي : (قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا) أي ما أغويناكم جبرا وكرها فإنكم كنتم تأتوننا (عَنِ الْيَمِينِ) قيل هي مستعارة لجهة الخير وجانبه ومعناه كنتم تأتوننا عن اليمين أي من قبل الدّين بزعمكم أنّ الدين والحقّ عندنا وأنّ ما كنّا عليه هو الحق ، وكنتم تتركون الرّسل باختياركم مع أن الآيات والمعجزات تظهر منهم. وقيل إنها مستعارة للقوّة والقهر لأنّ اليمين موصوفة بالقوّة وبها يقع البطش ، فقوله (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) أي بالقوة والقدرة وهذا المعنى لا يناسب ما اخترناه أوّلا من أن جملة قالوا جواب الغاوين عن المغوين ، بل يتمّ هذا المعنى بناء على كون الجملة من تتمّة قول المغوين كما لا يخفى. هذا ولكنّنا نظنّ وإن كان الظنّ لا يغني من الحق شيئا غالبا : إن المراد من اليمين هو معناها المعروف وهو العضو المخصوص في مقابل الشمال واليسار واكتفى بذكرها عنها لدلالتها عليها بقرينة المقابلة ، واختصّها بالذكر لشرافتها على اليسار على ما هو المستفاد من الآيات والرّوايات ، فكأنّه سبحانه وتعالى أراد بكلامه أن يحكي قول الغاوين للمغوين تأتوننا عن اليمين والشمال كناية عن كثرة التردّد لئلّا نخلّيكم فيختلسكم الرّسول وأتباعه. فالتقصير منكم لا منّا. هذا محصّل