بل هو أعقل العقلاء من الأوّلين والآخرين. وكيف يكون مجنونا مع أنه أتى بما تقبله العقول من الدين الحق الثابت بالبرهان ، وهو أحسن الأديان لأنّه أكملها من حيث إنه واجد لخير الدنيا والآخرة. أو المراد بالحق هو الكتاب الحق. فالمجنون من لا يفرّق بين الحق والباطل ولا يتعقّل أنه أشرف ممّا يعبده ويخضع له من الأصنام والأوثان ويترك عبادة خالق السّماوات والأرض بل خالق عوالم الإمكانية طرا. والحاصل كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلّا كذبا ، فقد قال نبيّنا صلىاللهعليهوآله الحقّ وجاء بالصّدق (وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ) حقّق ما أتى به المرسلون من بشارتهم بمقدمه الشريف أو صدّقهم بأن أتى بمثل ما أتوا به من الدعوة إلى التّوحيد. ثم خاطب تعالى الكفار فقال سبحانه :
٣٨ ـ (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ ...) التفات إلى الخطاب لاهتمامه بمقالته سبحانه لهم ، يعني أنتم أيها المشركون لذائقو العذاب الشديد للشّرك وتكذيب الرّسول ونسبة الشاعرية والتجنّن إليه (ص).
٣٩ ـ (وَما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ...) أي جزاؤكم على قدر أعمالكم كمّا وكيفا. ثم استثنى فقال تعالى :
* * *
(إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ (٤١) فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ (٤٢) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٤٣) عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦)