٦٣ ـ (إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ...) أي اختبارا لهم في الدّنيا حيث إنهم كذّبوا نبيّنا لمّا سمعوا بأن في الجحيم شجرة الزقّوم جهلا بقدرتنا وأنّنا أعددناها محنة وعذابا لهم في الآخرة. فالله سبحانه يشرح حال تلك الشجرة لنبيّه صلىاللهعليهوآله :
٦٤ ـ (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ...) أي منبتها في قعر جهنّم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها ولا بعد أن يخلق الله تعالى بكمال قدرته شجرة في النار من جنس النار أو من جوهر ضد النار فلا تأكله النار ولا تؤثّر فيه كما أنها لا تحرق السّلاسل والأغلال والحيّات وعقاربها ، وكما أنّه سبحانه بقدرته خلق السّمندر في النار ينشأ وينمو فيها ويبيض فيها ويطلع منه الفرخ ويربيّه فيها. ثم أكمل سبحانه وصفها بقوله :
٦٥ ـ (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ ...) أي ثمر الشجرة شبيه برؤوس الشياطين في الكبر أو في التشويه وتناهي القبح والكراهة في الصورة. وبعبارة أخرى وجه التشبيه الله أعلم به ولعله هو الأخير حيث يتخيّل الإنسان أن رأس الشياطين وبني الجانّ ليس كرويّا صورة ، بل يجيء في النظر التوهّمي أنّه مخروطيّ من طرف ذقنهم إلى منتهى رأسهم بطول من غير عرض. فهو باصطلاح أهل المساحة مخروطي يبتدئ بسطح مستدير ويرتفع مستدقّا حتى ينتهي إلى نقطة ضيّقة. فحمل هذه الشجرة وثمرها شكلا هكذا. ويؤيّد هذا المعنى استعارة لفظ الطّلع الذي هو من النّخل شيء يخرج كأنّه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود. والحاصل أن طلعها مستعار من طلع التمر المستطيل مخروطيّ الصّورة تقريبا ، وهو من أقبح الصّور في الحيوان المستقيم القامة كالإنسان وبني الجان وأمثالهما من الشياطين إذا كانوا على الاستقامة. وعلى كل تقدير :
٦٦ ـ (فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ ...) أي أن طعام أهل النار من ثمرة تلك الشجرة يملأون منها بطونهم من شدّة الجوع فيغلي في