الجماعة الذين كانوا معه في السّفينة ، أي رفعنا العذاب عنه وعمّن آمن به وخلّصناه (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) والكرب كلّ غمّ يصل حرّه إلى الصّدر بحيث يعرض عليه ضيق ربما يكاد أن يختنق منه الإنسان. والمراد به هنا هو الغرق ، بقرينة صفته ، أو أذى قومه فأنّه في هذه المدّة الطويلة ينبغي أن يتّصف بالعظيم.
٧٧ ـ (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ ...) أي بعد الغرق. فالناس كلّهم من بنيه الثلاثة وهم : سام بن نوح ، وحام بن نوح ، ويافث بن نوح. وجاء في خبر انّ أهل الفرس والرّوم والعرب من أولاد سام ، والترك والصقالبة وهم قوم كانت تتاخم بلادهم بلاد الخزر ثم انتشروا منها إلى بلاد سواها من أوربا. وقرئ بالسين (سقالبة جمع سقلبي) والخزر طائفة من الناس خزر العيون والخزر هو ضيق العين ومنه بحر الخزر المعروف في إيران وسمّي البحر باسم الجيل الذين كانوا يسكنون في سواحله وكلا الطائفتين انتشروا من هناك إلى أقطار متعددة منها أوربا وغيرها. والخزر ويأجوج من نسل يافث ، والهنود والسود جميعا من أولاد حام. وعن الكلبي أن نوحا لمّا خرج مع من كان معه من السفينة مات كلّ من كان معه إلّا أولاده وزوجاتهم. وفي القمّي عن الباقر عليهالسلام في هذه الآية أنه كان يقول : الحقّ والنبوّة والكتاب والإيمان في عقبه ، وليس كلّ من في الأرض من بني آدم من ولد نوح. قال الله عزوجل في كتابه : (احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) وقال أيضا (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ).
٧٨ ـ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ...) أي أبقينا لنوح ذكرا جميلا وثناء عاليا في الأمم المتأخّرة عنه كأمّة محمّد صلىاللهعليهوآله إلى يوم القيامة ، وكأنّه يبيّن مراده من الثناء والذكر الجميل بقوله تعالى :