تعملونه ، وجواهره كلّها مخلوقة وموجودة بقدرته وإيجاده تعالى في عالم الوجود ، فهو أحقّ بالعبادة والإطاعة. فالشريفة تنبيه كامل على أن الأوثان جمادات وهي أخسّ الموجودات وأدونها فكيف تعبدونها من دون تعقّل ولا رويّة؟
٩٧ ـ (قالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ ...) قال ابن عباس : بنوا حائطا من حجارة طوله في السّماء ثلاثون ذراعا ، وعرضه عشرون ذراعا ، وملأوه نارا وطرحوه فيه. وذلك قوله (فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) وقال الزجّاج كلّ نار بعضها فوق بعض فهي جحيم. وقيل إنّ الجحيم هي النار العظيمة.
٩٨ ـ (فَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ ...) أي أرادوا حيلة في هلاكه بأن أوقعوه في النار بواسطة المنجنيق ورموه في تلك النار العظيمة التي يعبّر عنها بالجحيم (فَجَعَلْناهُمُ الْأَسْفَلِينَ) أي أبطلنا تدبيرهم بأن صاروا مقهورين وجعلنا النار بردا وسلاما على إبراهيم وكان هذا برهانا منيرا على علوّ شأنه وعظمته وصدق دعواه ، وإلزاما للخصم. ومع ذلك لم يؤمنوا به ، فعلم أن القوم مصرون على شركهم جاحدون بآياته ومعجزاته ، فأراد المهاجرة وقال ، ما حكى الله تعالى عنه بقوله :
* * *
(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ (٩٩) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠٠) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي