كان حين وروده الأرض المقدسة فاستجاب الله سبحانه دعاءه وبشّره بالاستجابة بقوله :
١٠١ ـ (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ...) وهذه الشريفة تؤيّد ما قيل من أن مراده عليهالسلام باستيهابه كان هو الولد. وقيل ما وصف الله نبيّا بالحلم لعزّة وجوده غير إسماعيل. والحليم هو الوقور ، والحليم هو الذي لا يعجل في الأمر قبل وقته مع القدرة عليه. والمعنى أخبر سبحانه أنه تعالى استجاب لإبراهيم بقوله (فَبَشَّرْناهُ) بابن وقور غير مستعجل في الأمور قبل أوانها وكان حلمه بمرتبة أنه في غضاضة سنّه وطلوع شبابه قال له أبوه يا ولدي أمرت أن أذبحك فأجاب ف (افْعَلْ) ما أنت مأمور به بلا تردّد ولا سؤال عن الآمر ، أو لماذا أمرت بذبحي أبدا أبدا ، وكان سلما محضا لأبيه في أوامره ونواهيه ، وهذا من لوازم حلمه لأنه لم يعجل في أمر أبدا بسؤال ولا بجواب.
١٠٢ ـ (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ ...) أي أدرك وبلغ السنّ الذي يقدر على السعي في أمور والده معه ، يعني حدّ الشباب (قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى) أي فكّر في الأمر حتى ترى وتعرف رأيك ووظيفتك. وقد شاوره في أمر محتوم ليوطّن نفسه عليه فيهون عليه فقال بكلّ تروّ وتأمّل وكمال اطمئنان قلب ووقار ومتانة (يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ) اي ما تؤمر به ، وإنما أتى بلفظ المضارع لتكرّر الرّؤيا (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي على أمره تعالى وبلائه الممتثلين لما يريد.
١٠٣ ـ (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ...) أي حين استسلما لأمر الله ، أو أسلم إبراهيم وتهيّأ لذبح ابنه ، وأسلم الابن نفسه للبلاء المكتوب على الأولياء ، وفي المجمع عن أمير المؤمنين والصّادق عليهماالسلام ، أنّهما قرءا : فلمّا سلّما ، من التسليم (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) أي صرعة على شقّه وهو أحد جانبي الجبهة ، فوقع جبينه على الأرض ، أو أكبّه على وجهه حسب