١٤٥ ـ (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ ...) أي أمرنا الحوت بالخروج إلى ساحل البحر فرماه من بطنه إلى أرض عارية من الأشجار والنباتات خالية من الجبال والتّلال مسطّحة (وَهُوَ سَقِيمٌ) أي كفرخ الطائر الذي لا ريش عليه أو المولود خرج من بطن أمّه من ساعته ، متعبا ممّا ناله في بطن الحوت من الضّعف والهزال.
١٤٦ ـ (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ...) أي أنشأنا شجرة الدّباء وغطّيناه بورقها العريض بعد إنباتها حتى لا يتأذّى من حرارة الشمس والذباب ، فإنه قيل : من خواصّ القرع أن الذباب لا يدور مداره ، ولا يقربه حيث يتأذى من رائحته. فكان يونس عليهالسلام محفوظا به ويستفيد من أكله ثمره. فلمّا مضت مدة بحيث نبت لحمه واشتدّ عظمه ثم إن الأرضة أكلت الشجرة فيبست من أصلها فحزن يونس عليها حزنا شديدا فقال : يا ربّ كنت استظلّ تحت هذه الشجرة من الشمس والريح ، وكنت آكل من ثمرها ، وقد سقطت. فقيل له : يا يونس تحزن على شجرة أنبتت في ساعة وأسقطت بعدها ، ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون تركتهم وفررت منهم؟ فانطلق إليهم ، وذلك قوله :
١٤٧ و ١٤٨ ـ (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ...) قيل لمّا وصل خبر مجيء يونس إلى أهل نينوى وعودته إليهم خرج الملك وجميع أهل البلد إليه واستقبلوه بحفاوة فدعاهم إلى ما دعاهم اليه أول الأمر من التوحيد ورفض الشّرك. أما (أَوْ) فقيل هي بمعنى بل ، وقيل بمعنى الواو ، وقيل للتخيير ، أي كانوا عددا لو نظر إليهم الناظر لقال هم مائة ألف أو يزيدون. وقد دعاهم عند عودته من جديد (فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) أي قبلوا منه وأجابوه فمتّعناهم إلى انقضاء آجالهم المقضيّة. ولمّا أمر سبحانه وتعالى نبيّه في أول السّورة باستفتاء قريش عن جهة إنكارهم البعث ، ساق كلامه إلى قصص الأنبياء وبيان عقوبات أممهم الذين كانوا