إي الا من سبق في علمه تعالى أنه من أهل النار فهو لا محالة يصلى جحيم النار. وقيل إن ضمير (عَلَيْهِ) يرجع إلى الموصول أي (ما) تعبدون والتقدير : إنكم وما تعبدونه ما أنتم بفاتنين عن عبادة الله أحدا إلّا من كتب عليه أنه يصلى الجحيم وقدّر له ذلك ، فهو بمشيئته تعالى وتقديره له صال الجحيم لا بقدرتكم. والحاصل أنكم أيّها المشركون وأصنامكم التي تزعمون أنها آلهتكم لا تقدرون على إغواء أحد من عباد الله ولا على إضلالهم عن دينهم إلّا أن يشاء الله أن يرتدّ عن دينه ويموت على ارتداده ويصلى سعيرا. ثم إنه سبحانه ردّا على من زعم أن الملائكة آلهة وصاروا يعبدونهم ، أمر أمين وحيه جبرائيل عليهالسلام أن يخبر حبيبه محمدا صلىاللهعليهوآله بأنه وأتباعه كلّهم يعبدون خالقهم وبارئهم فقال قل لنبيّنا محمد :
* * *
(وَما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠))
١٦٤ إلى ١٦٦ ـ (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ ...) يعنى ليس لأحد منّا إلا وله بعبادته مكان مقرّر متعيّن لا يتجاوزه ، وذلك على قدر مراتبنا ودرجاتنا علما ومعرفة وعملا ـ وهذا من الكلام الذي يجري على ألسنة الملائكة أو غيرهم ممّن عبده المشركون ـ فقد قالوا ذلك وقالوا : ليس لنا قابليّة المعبوديّة ومقامها