ملكوته وخلق الناس والأنعام وأفضاله على خلقه ، بسبيل البرهنة على استحقاقه وحده للعبادة وضلال الذين يشركون غيره معه فيها.
تعليق على جملة
(خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ)
وما بعدها
وقد قرر جمهور المفسرين (١) أن جملة (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها) تعني الإشارة إلى أصل خلق بني آدم حيث خلق الله آدم من تراب ثم نفخ فيه من روحه ثم خلق زوجته حواء من ضلع من أضلاعه. وهذا ما ورد في الإصحاح الأول من سفر التكوين.
وقد يكون القصد من الجملة الإشارة العامة إلى النوع الإنساني الذي خلقه من زوجين من جنس واحد فكأنما هما نفس واحدة ، وقد يكون ضمير الجمع المخاطب من القرائن على هذا القصد في هذا المقام.
وقد قرر جمهور المفسرين كذلك (١) أن جملة (خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) تعني الصور التي تتطور بها الأجنة في بطون الأمهات وأن جملة (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) تعني ظلمة صلب الرجل حيث تكون النطفة أولا ثم ظلمة رحم المرأة حيث تنمو النطفة ثم ظلمة المشيمة التي تلف الجنين في الرحم.
وقرروا كذلك (١) أن جملة : (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) [٦] في معنى خلق لكم زوجين من كل نوع من الأنعام الأربعة وهي الضأن والمعز والإبل والبقر على ما جاء بصراحة في آيات سورة الأنعام [١٤٣ ـ ١٤٤] التي مرّ تفسيرها.
ولقد علقنا على ما جاء في الآيتين الأولى والثانية في سياق آيات مماثلة في
__________________
(١) انظر تفسير الآيات في كتب تفسير الطبري والخازن والزمخشري والطبرسي وابن كثير والبغوي.