ورد في سورة الأنبياء هذه الآية : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤)) التي تفيد ذلك أيضا. حيث ينطوي في هذا صورة من صور السيرة النبوية والتشاد الناشب بين النبي صلىاللهعليهوسلم والمشركين.
والظاهر أنهم قالوا هذا أيضا في ظروف نزول السورة فاحتوت الآية الأولى ترديدا لقولهم واحتوت الثانية استدراكا وإنذارا بأن أمر الفريقين لن ينتهي بالموت حيث يرجعان إلى الله جميعا فيقضي بينهما بالحق.
تعليق على أحاديث مروية
في سياق جملة
(ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١))
ولقد روى البغوي وابن كثير وغيرهما في سياق هذه الآية حديثا جاء فيه : «أنه لمّا نزلت هذه الآية قال الزبير : يا رسول الله أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواصّ الذنوب؟ قال : نعم ليكررن عليكم حتّى يؤدى إلى كلّ ذي حقّ حقّه. قال الزبير : والله إنّ الأمر لشديد» (١). حيث ينطوي في هذا الحديث صورة من صور تعليق أصحاب رسول الله على الآيات وتوضيح نبوي ينطوي فيه العظة والتنبيه. وإلى هذا الحديث روى المفسران المشار إليهما بضعة أحاديث أخرى منها حديث عن ابن عمر رضي الله عنه قال : عشنا برهة من الدهر وكنّا نرى هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين قلنا كيف نختصم وديننا واحد وكتابنا واحد حتّى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسّيف فعرفت أنها فينا نزلت. ورووا مثل ذلك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كنّا نقول ربّنا واحد وديننا واحد ونبيّنا واحد فما هذه الخصومة فلمّا كان يوم صفين وشدّ بعضنا على بعض بالسّيوف قلنا نعم هو هذا. ورووا أيضا حديثا ثالثا عن إبراهيم قال : لمّا نزلت هذه الآية قالوا
__________________
(١) ورد هذا الحديث في مسند الترمذي بنص آخر وهذا نصه : «قال يا رسول الله أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا قال : نعم ، فقال : إن الأمر إذن لشديد» التاج ج ٤ ص ١٩٨ ـ ١٩٩.